قـال تعالى :﴿﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾﴾ قـال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ومن فوائدها إثبات الوجه لله -عزّ وجلّ -﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الأنعام : 52]
والوجه صفة لله - عزّ وجلّ -، صفة حقيقيّة يجب علينا أن نؤمن بذلك ولـكن على حدّ قوله :﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشّورى : 11]
وأمّا من فسّر ذلك بأنّ المراد بالوجه الثّواب فقد أخطـأ
لأنّ ذلك مخالف لظاهر اللّفظ
ومخالف لإجماع السّلف
ثمّ إنّ الله - جلّ وعلا - قـال في القرآن الكريم :
﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (*) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾
[الرّحمن : 26 ، 27]
جعله وصفا للوجه
فهل يمكن أن يقول قائل :
إنّ الثّواب موصوف بـأنّه'ذو الجلال والإكرام'
الجواب : لا
وتأمّل هذا مع قوله تعالى :
﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾
[الرّحمن : 78] فجعلها بالجرّ صفة لـ ﴿رَبِّكَ﴾
ولم تكن بالرّفع صفة للاسم مع أنّ أسماء الله - عزّ وجلّ -
لها من الجلالة والتّعظيم ما لها
ولكن نسـأل الله العافية
﴿مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾
[النّور : 40]
وسبحان الله!!
ما أدري ماذا يلاقي الإنسان ربّه يوم القيامة إذا كان
الله تعالى قد قـال :
﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾
وقـال : ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾وما أشبه ذلك من الآيات ثمّ يقول : لا وجه لك يا ربّ والمراد بالوجه الثّواب ما أدري كيف يستطيع الإنسان أن يجيب الله - عزّ وجلّ -؟!!!والمسألة ليست جدلا دنيويّا ومغالبة دنيويّة المسألة عقيدة يجب على الإنسان أن يتهيّأ للجواب عنها يوم القيامة فالإنسان قد يتخلّص في الدّنيا بالمجادلة والمغالبة لكن عند الله لا ينفع كما قال الله - عزّ وجلّ -:﴿﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾﴾
[النّساء : 109] فهؤلاء نقول أنتم إذا غلبتم في الجدل في الدّنيا
لـكن
هل تغلبون الله - عزّ وجلّ - يوم القيامة ؟
لا والله ما يغلبون
المسألة خطيرة وفي ظنّي أنّ هؤلاء المحرّفين لمثل هذه الآيات أنّهم عند تلاوتها وتحريفها
ينسون أنّهم سيقابلون الله - عزّ وجلّ -
وإلّا لو كانوا على ذكر
ما ذهبوا يحرّفون الكلم عن مواضعه في أعظم الأشياء
إذا كانت آيات الأحكام وأحاديث الأحكام تُجرى على ظاهرها وهي أحكام
للعقل فيها مجال
فكيف لا تُجرى هذه الأخبار العظيمة على ظاهرها
وهي تتعلّق بِمن ؟ بالله - عزّ وجلّ -